لبنانمقالات وتقارير

هدر الغذاء في لبنان: الجوع يضرب والخجل يزيد من طلب توضيب بقايا الطعام… أكثر من ثلث الطعام يذهب هدراً في المطاعم والمنازل!

في صحيفة “نداء الوطن” تم نشر المقال التالي بعنوان مؤثّر:

“جوعٌ يعانيه اللبنانيون… وصراع الخجل في طلب توضيب فضلات الطعام”

بينما نقرأ عبارة “جوعان… وأنا كمان جوعانة”، لا يمكن إلا أن نستشعر وطأة هذه العبارة المألوفة التي ترددها يوميًا الأطفال والكبار، سواء كانوا صغارًا أم كبارًا في السن. إنها الحقيقة المرة، إن هناك لبنانيين يخلدون إلى النوم بلا عشاء، وبالتأكيد هناك من يرمي الطعام دون أن يقتنع بطلب توضيب الفضلات. وهكذا، ينبغي علينا أن نتساءل: هل فعل بيل غيتس، واحد من أغنى أغنياء العالم، ما لم يكن من المتوقع؟ قد أحضر ما تبقى من طبقه في أحد المطاعم في نيويورك وغادر. ولكن ماذا عنا نحن؟ هل نعتقد بشكل غبي أننا أجمل وأذكى وأكرم الناس، في حين يعاني بعض الناس جوعًا؟ إن قصة توضيب فضلات الطعام قد تكون الطريقة المناسبة لإنقاذ حياة الكثيرين ولتوضيح “طريق السماء” أمامنا.

في أحد المطاعم، تساءلت شفتاه بغضب عندما سمع صوت ابنه يقول: “دادي، لنأخذ بقايا البيتزا معنا”. رد بتوتر على ابنه قائلاً: “هذا أمر مخزٍ”. وهكذا، انتهت المسألة في نظره. إن لبنان في حاجة إلى تغيير الروح والتفكير، حتى يدرك أفراد هذا البلد أن فضلات الطعام هي نعمة، وأن أكثر من 35% من الغذاء يذهب هدرًا في المطاعم وحتى في المنازل.

هل تعلمون أن لدينا في لبنان قانون يسمح بتبرع الفائض من الطعام؟ النائب بيار بو عاصي يعمل جاهدًا لتنفيذ هذا القانون. ولكن هل تم تنفيذه فعليًا؟ المشكلة في لبنان ليست في القوانين بذاتها، بل في تنفيذها. قبل يومين أو ثلاثة، توفي العقيد المتقاعد من الجيش، طانيوس منصور، ابن كفرحي في البترون، نتيجة لطلق ناري. لم يسأل أحد عنه ولم يبالِ أحد بوفاته. قد لا يكون قد جاع، لكنه كان يعاني وتوفي بسبب الجوع، قهرًا من الألم. الجوع ليس فقط افتقارًا للطعام، بل هو فقدان للدواء وللحياة الكريمة بشكل عام. هناك العديد من الأشخاص الذين انتحروا لأنهم لم يتمكنوا من توفير الطعام لأطفالهم، ونحن في الوقت نفسه نرمي الفائض. إنه اهتمام فاحش. بيار بو عاصي كان مسؤولًا عن دراسة اقتراح قانون مكافحة هدر الغذاء العام 2020، وعمل بجد على تنفيذه، مكشفًا أن نحو ثلث الشعب اللبناني يعيش تحت خط الفقر. والجميع يدرك مدى ارتفاع مستوى الفقر في الفترة من عام 2020 إلى عام 2023. تمت الموافقة على الاقتراح وأصبح قانونًا، ولكن وفقًا للمدير العام لوزارة الاقتصاد، محمد أبو حيدر، “لم يتم تنفيذه بشكل جيد”. إنه معلومة عامة بين الناس، فليس كل قانون مطبق فعليًا.

فما الحل؟ الوعي والتوعية والمزيد من التوعية. يجب أن يدرك الناس أن رمي الفائض من الطعام هو الخطأ الحقيقي، خاصةً عندما يعاني الآخرون من الجوع في بلدنا. نحن نعلم أن بعض المطاعم أبرمت اتفاقيات مع جمعيات لجمع الفائض من الطعام وتوزيعه على المحتاجين. على سبيل المثال، مطعم مايريغ، المتخصص في المأكولات الأرمنية اللذيذة، كان من الرواد في هذا المجال. اتصلنا بهم وتحدثنا إلى صاحبة المطعم، ألين كماكيان. يقول مدير المطعم أنهم تعاونوا مع جمعية “نساند” لجمع الفائض من الطعام وتوزيعه يوميًا على المحتاجين. نجح هذا المطعم في تحقيق ما فشلت فيه الدولة. وقد بدأوا في تحويل الفائض إلى مشروع مستدام. أصبح الفائض الآن ضرورة للأشخاص الجياع الذين يحتاجون بشدة إلى الطعام للبقاء على قيد الحياة. إن مايريغ هو مثال يحتذى به.

بالتالي، يجب أن نتعامل مع مشكلة هدر الغذاء بشكل جدي. يجب علينا تعزيز الوعي بأن الغذاء هو نعمة ورمي الفائض منه يعتبر إسرافًا. يجب تشجيع المزيد من المطاعم والمؤسسات على التعاون مع الجمعيات لتوزيع الفائض من الطعام على المحتاجين. كما يجب تنفيذ القوانين بشكل فعال ومحاسبة المخالفين. إن تحقيق التغيير في هذا المجال يتطلب التزامًا جماعيًا لتحقيق مجتمع أكثر إنسانية وعدالة.

المصدر
نداء الوطنخبرني

زياد إبراهيم

بوت نشر اخبار بواسطة massej.li تحت إشراف زياد إبراهيم، مختص بتقصي حقيقة الأخبار المنتشرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي ومدى دقتها، مجاز بتقنية المعلوماتية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى